كيف يضر السعي نحو الكمال بإنتاجيتك وحياتك؟

يبحث العديد منا عن الكمال، قانعين بأن رحلة السعي هذه تقودهم نحو النجاح. كيف لا ونحن قد تغنّينا دائماً بمبادئ تؤكد لنا على أن النجاح يتطلب منا جهاداً وكفاحاً لانهائيين، فتتملكنا عقلية الندرة التي تجعلنا نتبنى أفكاراً حول قلة الفرص وحاجتنا الدائمة إلى الكفاح والقتال للوصول إلى فرصة ما نرغب بها؛ فيدفعنا ذلك للنضال سبيل الوصول إلى الكمال الوهمي الذي نعتقد أننا سنصل إليه يوماً ما غير آبهين بالتأثيرات السلبية لهذا الأمر على نفسيتنا وطاقتنا.

فكيف يؤثر سعينا نحو الكمال على صحتنا العقلية وعلاقاتنا في الحياة؟ هذا ما سنتعرف عليه تالياً.

كيف يعيقك السعي نحو الكمال عن التطور؟

مما لا شك فيه أن السعي للكمال قد يدفعنا لتحقيق الإنجازات المتلاحقة غير المسبوقة والتي تظهر من خلالها مواهبنا وقدراتنا جلية وواضحة. إلا أنه من المهم إدراك حقيقة أن هذا السعي المستمر لتحقيق الكمال يمكن أن يؤثر سلباً على صحتنا العقلية والعاطفية والنفسية؛ إذ يسبب الضغط المستمر والمفروض ذاتياً لتنفيذ جميع المهام بشكل مثالي تآكل مساحة احتضان وتقبّل العيوب لدينا. 

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر انخفاض ذكائك العاطفي في علاقتك بالآخرين؟

وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعل للسعي نحو الكمال تأثيراً سلبياً معاكساً لما نتوقعه.

ضعف الصحة العقلية

رغبتك العارمة في أن تكون إنساناً مثالياً خالياً من العيوب تضعك تحت ضغط نفسي قد يطيح بسلامك الداخلي ويدخلك دوامة من الاكتئاب والتوتر المزمن والقلق، والتي تتناغم  سوياً حتى توصلك حد الكآبة من عجزك عن تحقيق الكمال في مختلف جوانب حياتك. 

يسيطر عليك دافعك نحو المثالية فيتحرك داخلك تأنيب داخلي وشعور بالنقص نتيجة النقد الذاتي والخوف المستمر من فشلك المحتمل. فتبدأ صحتك النفسية والعقلية بالتدهور وتشعر بانعدام الثقة بالذات.

انخفاض الإنتاجية

من عجيب المفارقات أن السعي نحو الكمال الذي تبذل كل ما تستطيع لتحقيقه يؤدي في كثير من الأحيان إلى انخفاض إنتاجيتك. وتؤكد العديد من الدراسات أن الباحثين عن الكمال عادة ما يميلون إلى الإفراط في التفكير والتحضير المسبق لجميع الخطوات التي سيقومون بها؛ مما يسبب تأخيراً في إنجاز مهامهم. كما يؤدي هوس هؤلاء بالتفاصيل الصغيرة إلى إعاقة عملية اتخاذ القرار لديهم؛ مما يمنع استكمال المشاريع الموكلة إليهم في الوقت المحدد .

هذا الميل إلى الإدارة التفصيلية لا يخنق بيئة النمو والتطور فحسب، بل يعيق الابتكار أيضاً نتيجة قضاء الوقت في تحسين بعض التفاصيل الصغيرة على حساب الصورة الكلية الكاملة.

اقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات للتغلب على القلق الاجتماعي

توتر العلاقات

يمتد تأثير الأمر إلى أبعد مما قد نتصور، حيث تتغلغل التأثيرات السلبية في علاقاتنا الشخصية أيضاً. ولا بد أنك تتساءل حول تأثير سعيك الشخصي على علاقاتك مع أصدقائك وأفراد محيطك!

رحلتك المرهقة هذه تخلق بيئة يشعر فيها الأهل والأصدقاء ومختلف الأشخاص في محيطك بتعرضهم لفحص مستمر وتقييم من قبلك، ونظرة سطحية لتفكيرهم وأدائهم؛ مما يولد العِداء والعلاقات المتوترة والمواجهات المتكررة التي تنقص بدورها من التواصل الاجتماعي.

الخوف من الفشل

من رحِم السعي يتولد الخوف، خوف من الفشل وارتكاب الأخطاء وعدم الالتزام بمعاييرك الذاتية؛ يخلق هذا الأمر عائقاً أمام تطورك المهني والشخصي ويمنعك من التعلم من تجاربك المختلفة واحتضان عيوبك ومعالجة المعوقات التي تواجهك.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بالوحدة والقلق في الليل؟ إليك كيفية التعامل مع ذلك

محدودية الابتكار

من المعروف أن الابتكار يتطلب بيئة مشجعة على التجارب والتعلم من النجاح والفشل على حد سواء. وكما تحدثنا فإن السعي نحو المثالية والكمال يخنق القوة الإبداعية وروح المخاطرة والمغامرة، ويمنعك من تحقيق أية تحيزات فريدة في مسيرتك تقود في النهاية إلى الخروج بحلول وأفكار مبتكرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts

Load More Posts Loading...No more posts.