يُعرف القلق الاجتماعي أيضاً باسم الرهاب الاجتماعي، وهو خوف شديد ومستمر من التعرض للإحراج في المواقف الاجتماعية. في حين يعرفه مركز كليفلاند كلينك الطبي بأنه حالة صحية عقلية يعاني فيها المصاب من خوف شديد ومستمر من مراقبة الناس له وإصدار أحكام سلبية بحقه. وعادة ما يعاني المصاب من القلق والخوف حيال مواقف اجتماعية محددة مثل:
- التعرف على الأشخاص الجدد.
- الحديث أمام الناس.
- تلقّي أو إجراء مكالمات هاتفية.
- استخدام دورات المياه العامة.
- طلب المساعدة في المتجر أو المطعم أو أي مكان عام آخر.
- الإجابة على أي سؤال أمام الآخرين.
- تناول الطعام أمام الآخرين.
- المشاركة في مقابلة ما أو مناسبة اجتماعية.
يسيطر الخوف على المصابين بالقلق الاجتماعي دافعاً إياهم إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية وكل ما يرتبط بها. لذا تراهم يعانون من الضيق والعزلة والوحدة، كما أنهم عرضة للتنمّر المستمر، محاطون بعدد قليل جداً من الأصدقاء. كما يعاني هؤلاء من مشاكل أكاديمية ومهنية مختلفة مثل تجنب الذهاب إلى المدرسة أو العمل، والشعور بالخوف الشديد من طلب المساعدة أو حضور مقابلة عمل لوظيفة يرغبون بالتقدم لها خوفاً من إصدار الأحكام عليهم.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر انخفاض ذكائك العاطفي في علاقتك بالآخرين؟
هل يمكن السيطرة على القلق الاجتماعي والتغلب على آثاره؟
يمكن تقليل آثار القلق الاجتماعي عبر الخضوع لبعض العلاجات واستراتيجيات الدعم بهدف تحسين قدرة الفرد على إدارة المواقف الاجتماعية بفعالية أكبر.
وإليك مجموعة من الاستراتيجيات التي تساعد في السيطرة على القلق الاجتماعي، مع التأكيد على أهمية استشارة مختص نظراً لكون الاستجابات الفردية تختلف من شخص لآخر:
مواجهة المواقف المُقلقة
من الصعب التغلب على القلق عند الاستمرار في تجنب مواجهة المواقف الاجتماعية؛ لذا من الضروري كسر حلقة القلق المفرغة. وبالرغم من أن ذلك سيشعرك بعدم الراحة بداية لكنه وعلى المدى الطويل سيوفر المزيد من الفرص لاختبار مخاوفك وبناء ثقتك في مهاراتك التكيفية.
على سبيل المثال، يمكنك البدء بحديث قصير في العمل، ثم حضور مناسبة اجتماعية لمدة ساعة، وهكذا يمكنك الاستمرار في زيادة المدة كلما اعتدت أكثر. في نهاية كل نشاط اجتماعي تقوم به، فكر في حالتك وشعورك حيال استكمال الموقف.
تجنب سلوكيات السلامة
تعتبر سلوكيات السلامة أكثر دقة من مجرد تجنب الموقف. فغالباً ما تستخدم هذه السلوكيات في المواقف التي لا يمكن تجنبها. ومن هذه السلوكيات، ارتداء السماعات أو التزام الهدوء، أو تجنب الاتصال البصري.
اقرأ أيضاً: وضعية جلوسك تكشف السمات الخفية لشخصيتك
التعاطف مع الذات
من السهل أن تنتقد نفسك عندما تشعر بالقلق؛ لكن عليك أن تتذكر أن الجميع يرتكبون الأخطاء. لذا لإدارة قلقك الاجتماعي عليك إعادة صياغة حديثك السلبي عن نفسك والتركيز على نقاط قوتك وإنجازاتك. اعترف بتقدمك مهما كان صغيراً وامنح نفسك الفضل في كل خطوة تتخذها سبيل التغلب على قلقك.
تدريب التنفس
عادة ما يكون تنفس من يعاني من القلق الاجتماعي أكثر اضطراباً من غيره مما يسبب الشعور بالدوخة والصداع وتصلب العضلات، ويزيد احتمالية استجابة الأشخاص للمواقف العصيبة بقلق وذعر.
لذا عليك تعلم تقنية التنفس العميق عبر حبس النفس لبضع ثوانٍ ثم إطلاقه ببطء. وحينما تشعر بالقلق والتوتر خذ أنفاساً عميقة ومنضبطة لتقلل هذه المشاعر.
تمرين استرخاء العضلات التدريجي
تتمثل الاستجابة الشائعة للخوف والقلق في تشنج العضلات، والتي تتطلب لإعادة استرخائها أن تكون في وضع مريح كالاستلقاء. وكتمرين على استرخاء العضلات، عليك شد العضلات عمداً لبضع ثوان عندما تشعر بالراحة، وإعادة الأمر عدة مرات يومياً.
ينصح عادة بالبدء من أسفل الجسم تدريجياً منتقلاً بين كل مجموعة عضلية على حدى.
احتفل بالانتصارات الصغيرة
التغلب على القلق الاجتماعي عملية تدريجية تتطلب وقتاً وجهداً؛ لذا من المهم خلال هذه الفترة التحلّي بالصبر وإيلاء نفسك الفضل في تقدمك.
غيّر وجهك نظرك نحو إنجازاتك، وعزز ثقتك بنفسك، وتأكد من الاحتفال بجميع ما حققت مهما كان صغيراً. ويمكنك لذلك تقسيم مهامك وأهدافك الكبيرة إلى أهداف أصغر، لتتمكن من الاحتفال بكل منها بشكل منفصل حتى لو كان هدفك هو حضور حفلة اجتماعية صغيرة.
أحِط نفسك بأشخاص داعمين
عليك إحاطة نفسك بأشخاص داعمين ومتفهمين لبناء مساحة آمنة لك لمشاركة صراعاتك الداخلية. كما يمكنك الانضمام إلى مجموعات الدعم أو النوادي الاجتماعية المخصص للأفراد الذين يعانون من القلق الاجتماعي كفرصة للتواصل مع الآخرين وتبادل التجارب.
توفر لك مجموعات الدعم التشجيع والتعاطف، ويمكنك مشاركة تحدّياتك ومخاوفك مع الأفراد ذوي الأفكار المماثلة مما يسهم في تقليل شعورك بالوحدة والعزلة والخوف، ويساعدك تبادل التجارب والنصائح وتقنيات مواجهة القلق الاجتماعي في تبني استراتيجيات ملائمة تساعدك على تجاوز هذه المشكلة.
اقرأ أيضاً: هل يبدأ اسمك بحرف H؟ اكتشف شخصيتك من حرف اسمك
العلاج النفسي
في حين أن بعض الأساليب المساعدة التي ذكرناها سابقاً قد تكون مفيدة للعديد من الناس، إلا أن بعض الحالات لا تستجيب لهذه الاستراتيجيات والحلول نظراً لتطور الحالة وتدهورها. هنا يجب التفكير بشكل مباشر بالعلاج النفسي للسيطرة على الأمر.
وعادة ما يتمحور العلاج النفسي لمثل هذه الحالات على العلاج السلوكي المعرفي الذي يهدف إلى تحديد الأفكار والمعتقدات السلبية حول المواقف الاجتماعية مع المعالِج، مع تعلم استراتيجيات المواجهة لإدارة القلق في المواقف الاجتماعية.
وقد يلجأ المعالج النفسي في حالات أخرى إلى العلاج بالتعرض، والذي يتضمن التعرض التدريجي والآمن للمواقف الاجتماعية المخيفة.
النوع الثالث من أنواع العلاج يدعى العلاج بالقبول والالتزام ACT والتدخلات القائمة على اليقظة، ويكون هذا النوع فعالاً في تعزيز قبول الأفكار والمشاعر المقلقة وتطوير مهارات التأقلم معها وإدارتها.
العلاجات الدوائية
تستخدم بعض أنواع الأدوية في الحالات التي لا تنجح فيها أساليب المساعدة الذاتية، وليس كإجراء أولي.
كما يؤكد الأطباء على عدم مشاركة الأدوية مع مرضى آخرين، بل استشارة أخصائي طبي لوصف الأدوية المناسبة لكل حالة. وعادة ما توصف مثبطات امتصاص السيروتونين ومضادات الاكتئاب وحاصرات بيتا وغيرها.
فكر فيما يناسبك
هناك طريقة أخرى لإدارة القلق الاجتماعي، وتتمثل في التفكير في حدودك والتأكد من أن تكون انتقائياً في علاقاتك، فعلى الرغم من أهمية تكوين علاقات عديدة، إلا أنه من المهم اختيار علاقاتك بشكل صحيح.
اسعَ لتكوين علاقات صداقة قوية ومتينة مهما كانت قليلة بدلاً من العديد من العلاقات السطحية.